تصاعدت الخلافات بين أعضاء مؤتمر الوفاق القومى، ورئيسه الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء، بعد أن قرر الأخير إنهاء اجتماعات لجنة القوات المسلحة فى مقر مجلس الشعب، فى حين قال الدكتور ماهر هاشم، مقرر اللجنة، إن أعمال مؤتمر الوفاق ستستمر دون الالتفات لمحاولة الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء، إجهاض المؤتمر نتيجة النقد الدائم له بصفته الشخصية من القوى السياسية.
كما أن نجاح المؤتمر جاء عكس ما كان ينتظره نائب رئيس الوزراء، وأشار هاشم إلى أن الدكتور يحيى مش حاسس بقيمة عمل اللجنة وما قررته، وأنه لا ينتظر إنجاح المؤتمر بل يحاول إجهاضه بمنع الصحفيين من الحضور وتضييق الخناق على أعضاء المؤتمر.
وأوضح: «مجلس الشعب من المفترض أنه ملك للشعب ومن حقنا مناقشة الموضوعات التى تهم المواطنين داخله، كما أننا لسنا موظفين لدى الدكتور يحيى الجمل لكى يطردنا ويقول (ابقوا ناقشوا التوصيات فى بيت مقرر اللجنة أو على أى قهوة)».
وأضاف هاشم: «سنستمر فى اجتماعاتنا ونضع توصياتنا ونرفعها للمجلس العسكرى ومجلس الوزراء».
وفيما يخص عدم وجود نخب داخل اللجان المشكلة لمؤتمر الوفاق القومى، أشار هاشم إلى أن لجنته التى يرأسها الوحيدة التى ضمت عدداً كبيراً من النخب السياسية وتم اختيارهم بعناية حتى تخرج التوصيات بشكل جيد وعلى علم، وأضاف: «حينما تكلمنا على رغيف العيش مثلاً أحضرنا أستاذاً فى الزراعة وأستاذة فى معهد التغذية إلى المجلس حتى تخرج التوصية سليمة، نحن نأتى بأهل الخبرة والتخصص لمناقشة القضايا المختلفة».
من جهة أخرى، وجه عدد من المشاركين فى المؤتمر انتقادات حادة له، ووصف محمد عصمت السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، معظم المشاركين فى مؤتمر الوفاق القومى بأنهم ليسوا مخضرمين فى العمل السياسى، وقال إن تواجدهم ومشاركتهم فى المؤتمر جاءت مصادفة ولا علاقة لهم بالعمل الحزبى أو البرلمانى، لذا خرج كثير من التوصيات أمامه علامات استفهام كثيرة ومعظمها مكررة ولا تأتى بجديد ومعظمها موجود فى الدستور، وقال السادات إن معظم المشاركين فى إعداد التوصيات الخاصة بالمؤتمر متنازعون على أحزابهم، وبعضهم ساهم وشارك مع النظام السابق فى تخريب مصر وليسوا من المناضلين أو ممن لهم مواقف سياسية مشهودة تغفر لهم.
وأشار السادات إلى أن توصيات المؤتمر ليس لها تأثير وقد لا يؤخذ بها ومعظمها خرج متسرعاً ولا يعتمد على معايير، وقال: «مع احترامى للجهد الذى بذل فى مؤتمر الوفاق القومى ولرؤساء اللجان ومقررها لكن هذه التوصيات محل جدل ومن الصعب العمل بها، خاصة أنه من المفترض أن تتم صياغتها للأخذ بها فى وضع مراسيم قوانين من المجلس العسكرى وأن يتم مراعاتها حينما تتم وضع دستور جديد للبلاد».
وأضاف السادات: «من المفترض أن يتوافر لدى المشاركين فى المؤتمر معلومات كافية خاصة أنهم لم يمارسوا العمل السياسى من قبل، ونحن نتكلم عن مستقبل أمة ووضع دستور جديد، خاصة أننا نريد أن تكون هناك خطوة للأمام وحتى نبنى البلد على المكاسب التى تحققت منذ قيام ثورة 25 يناير، وبالتالى يجب أن تجرى الانتخابات أولاً قبل الحديث عن وضع دستور جديد إلى جانب أنه يجب احترام الإرادة الشعبية التى قامت بالتصويت على تعديل بعض مواد الدستور ثم تجرى الانتخابات، وحتى تكون هناك مؤسسات ويستقر الأمن فى مصر لكى يجلب لنا الاستثمارات من الخارج التى تحقق الرخاء لبلدنا، ويجب البعد عن المهاترات التى تنادى بالدستور أولاً ثم الانتخابات».
وقال ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل، إن توصيات مؤتمر الوفاق القومى شارك فيها أغلب أطياف القوى السياسية فى مصر وجرت المناقشات فيه بحرية رغم أنه كانت هناك توجيهات لقيادات المؤتمر لكى يخرجوا بتوصيات محددة، وأشار الشهابى إلى أنه رغم علمه بذلك إلا أنه حاول أن يخرج لجنة النظام الانتخابى التى كان يشارك فيها بتوصيات مختلفة عن توصيات الأمين العام للمؤتمر، ورغم ذلك فإنه اعتبر المؤتمر شيئاً جيداً وكذلك التوصيات حتى تستنير به الأحزاب والقوى السياسية، وهى غير ملزمةبالأخذ بها أمام المجلس العسكرى.
وفيما يتعلق بإصدار توصية تخص حضور وزير الداخلية أمام البرلمان اعتبر الشهابى إصدار ذلك «عيباً» على أمين عام المؤتمر أو اللجنة لأن الحكومة كلها مسؤولة أمام البرلمان وليس وزير الداخلية، كما أن الدستور يمنح هذا الحق فى مثول وزير الداخلية أمام البرلمان فى حالة توجيه الاستجواب أو السؤال أو حتى طلب الإحاطة للرد عليه، فكيف يصدر المؤتمر مثل هذه التوصية غير الجادة من أعضائه أم ذلك لعدم علمهم بما يدور فى رحى السياسة أو لسطحية المعلومات للمشاركين فى المؤتمر.
وعلق أحمد الفضالى، رئيس حزب السلام الديمقراطى، على توصيات المؤتمر ونوعية المشاركين فى فعالياته قائلاً: «تختلف بحسب اللجنة المشكلة لدراسة أى أجزاء من الدستور، فعلى سبيل المثال لجنة القوات المسلحة بها عدد من شباب الثورة والأحزاب وبعض رجال القوات المسلحة المتقاعدين، وبالتالى فقد شهدت جدلاً سياسياً فى عدد كبير من القضايا ترتبط بنبض الشارع فى شكل التغيير القائم، وهى نظرة قد تكون غير محققة لآمال النخبة من المثقفين لكنها تلبى طموحات الأغلبية الصامتة فى الشارع، وعلى رجال القانون والفقهاء أن يصوغوا هذه الرؤى بشكل يجعلها صالحة لوضعها فى الدستور، وبلا شك فهناك لجان أخرى لم تتضمن القدر الكافى من المتخصصين مثل لجنة الحريات العامة، فمن يحضر فيها قد لا يكون ملماً بأجزاء من الدستور، وعلى خلاف ذلك فاللجنة التشريعية وهى أكبر لجان المؤتمر بها 56 عضواً يمثلون جميع طوائف المجتمع، ولم تغفل جانباً من الجوانب لوضعها فى الدستور وُمد لها العمل حتى منتصف يوليو الجارى، واستطاعت صياغة مشروع قانون مجلس الشعب الذى ورد من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وعدلت الكثير من بنوده».
وأشار الفضالى إلى أنه لا يمكن وصف المؤتمر كله بأنه فقير من ناحية المشاركين، ولكنه فقير فى بعض اللجان من تلك النخب السياسية التى كان من المفترض أن تشارك فيه