دعاء الوالدين.. الحظ.. الصدفة.. عبقرية الحضري.. إخلاص أحمد حسن.. مهارة ناجي جدو.. تركيز أحمد فتحي.. قل ما شئت عن أسباب فوز منتخب مصر علي منتخب الكاميرون بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد (مع الوضع في الاعتبار أن لاعبينا تكفلون بوضع الأهداف الأربعة) لكن الحقيقة التي يجب التسليم بها أن حسن شحاتة وحده - بعد توفيق ربنا - هو سبب الفوز، فهو المدرب الذي غير وجه الكرة في مصر وأعاد اكتشاف قدرات اللاعبين وهدم كل نظريات الكرة الأفريقية؛ ووصل بمصر علي المربع الذهبي للمرة الثالثة علي التوالي ليتصدر قائمة أفضل المدربين في تاريخ مصر دون منازع.
حسن شحاتة لم يعد مجرد مدرب استطاع تحقيق كل الإنجازات للمنتخب المصري لكنه أصبح رمزًا يجب الوقوف أمامه طويلا فهذا الرجل الذي تحدي كل الناس طوال الوقت وكسب كل الرهانات طوال الوقت أيضا وكأنه ملهم وليس مدرب كرة يكسب ويخسر، فأكثر المتفائلين لم يتوقع أن تصل مصر للدور قبل النهائي في كأس أفريقيا قبل أن تبدأ البطولة بل إنني كنت أكثر المتوقعين أن نخرج مبكرا وانتقدت حسن شحاتة لأنه لم يختر أحمد حسام ميدو لكن الآن يجب أن نقف أمام المعلم ونعتذر له فهو الوحيد الذي يعرف ما يفعله ويدرك من أن يأتي النصر وبأي لاعبين وفي أي ظروف. أثبت لنا حسن شحاتة أن هناك فرقًا بين المدرب والممثل.. بين المدير الفني والمخرج السينمائي.. بين المحلل أمام الشاشات والمسئول داخل الملعب، لذلك من حقه أن يفرح كما يشاء ويختار من يريد، فمن الواضح أن هذا الرجل يملك كل شيء حتي الحظ والتوفيق احتكره لنفسه وامتلك زمامه ولم يبق إلا أن نقيم له «مولد» في يناير كل عام وبخاصة بعد أن سافر إلي كأس الأمم الأفريقية دون نجم مصر الأول محمد أبوتريكة، لكنه استطاع أن يحقق الفوز بلاعب الاتحاد السكندري ناجي جدو، وبدلا من أن يعطي الكرة «سونج» لمحمد زيدان وجدنا أن «جيرمي» يعطيها لجدو، مما يؤكد أن المسألة ليست ضربة حظ أو صدفة عابرة فهذا الرجل معه «ربنا» فعلا لدرجة جعلتنا نفوز علي الكاميرون وهي في أفضل حالاتها وبكامل نجومها.
في حين أن مانويل جوزيه الذي كنا نظن أنه فيلسوف التدريب والمفكر الكروي الكبير أثبتت التجربة أنه مدرب صنعته ثلاثة أشياء: استقرار وشعبية الأهلي ومهارات أبوتريكة وجبروت الحضري، علاوة علي ضعف نادي الزمالك وكوارث لاعبيه وإدارته لكن حقيقة الأمر أن جوزيه مدرب جيد لكنه ليس أسطوريًا والدليل أن منتخب أنجولا منظم البطولة خرج علي يديه في دور الثمانية ولم تظهر عبقريته التدريبية بل إنه في المباراة الأولي ظهرت كوارثه التدريبية حين حول منتخب مالي الهزيمة بأربعة أهداف إلي تعادل.
يكفي المعلم حسن ما فعله وما يفعله للكرة المصرية من انتصارات ستخلدها كتب التاريخ الكروي لكن يبقي أمامه مباراة رد الاعتبار أمام الجزائر حتي تنتهي العقدة، ويثبت أنه مدرب غير قابل للكسر ولا يعرف لغة الهزيمة إلا في ظروف خاصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر وليثبت أيضا أنه كان الأحق والأجدر بالوصول لنهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا وليعيد للمصريين كبرياءهم الكروي علي المستوي العربي بعد أن وصل لقمة الكرة الأفريقية وتسبب في خلق «عقدة» للكاميرون وتحويل «الأسود» إلي «فئران» تهرب من مواجهة الفراعنة.