رغم الأجواء الاحتفالية مازالت المخاوف تسيطر على الكثيرين،
وسط تساؤلات عن سودان ما بعد الانفصال. «المصرى اليوم» وضعت الملفات
الحساسة أمام وزير المالية والاقتصاد الوطنى السودانى فى حكومة الشمال، على
محمود، ليتحدث الرجل عن التدابير التى وضعها السودان الشمالى وتأثيراتها
على دول الجوار، وعلى رأسها مصر.
■ كيف ترى أول التداعيات الاقتصادية لانفصال الجنوب عن الشمال؟
- لن تتغير الأوضاع لأن الاستفتاء تم
إجراؤه فى وقت مبكر. ومن حسنات الاتفاق أنه تحسب لفترة انتقالية بعد
الاستفتاء لمدة 6 أشهر، كل طرف قام فيها بالتدابير الخاصة به سواء فى
الشمال أو الجنوب، وفى تقديرنا هى كافية جداً وتجعل الأمور تسير بصورة
معلومة لنا.
■ لكن هناك مخاوف لما يمكن أن تؤول إليه الأحوال الاقتصادية والأمنية؟
- لا داعى لهذه المخاوف، خاصة أننا
نتوقع هطول الأمطار فى هذا الموسم. المواطنون سينشغلون بالزراعة الصيفية فى
مختلف أنحاء السودان، والسلع ستكون متوفرة، والعام الدراسى بدأ فى كل
السودان وحياة الناس مستمرة بصورة طبيعية.
■ تحدثت عن تدابير.. ما هى؟
- ضمن هذه التدابير كان هناك موظفون
فى الخدمة المدنية والعسكرية من الجنوب جميعهم تم توفيق أوضاعهم، وتسلموا
حقوقهم كاملة وهو ما سيمكنهم من العودة إلى الجنوب ليستقروا هناك ويبدأوا
حياتهم بصورة جديدة. وبالنسبة للتدابير الاقتصادية، ففيما يتعلق بالبترول
الحمد لله كمية البترول المنتج لدينا بالشمال تكفى لتشغيل المصافى،
وبالتالى الوقود سيكون متوفراً فى الشمال. حتى إخواننا فى الجنوب سيحتاجون
لهذه المصافى لأنهم لا يملكون مصافى فى جنوب السودان، ومصافى الشمال هى
التى ستوفر لهم الوقود. بل وحتى الدول المجاورة للجنوب سواء كانت كينيا أو
إثيوبيا أو أوغندا أو أفريقيا الوسطى أو الكونغو، كلها لا توجد بها مواد
بترولية، وبالتالى الاعتماد سيكون على الشمال فى المواد البترولية، أما عن
السلع الاستهلاكية فجميعها متوفرة كالدقيق والسكر، وكل السلع المنتجة أو
المستوردة موجودة الآن فى الأسواق.
■ تحدثت من قبل عن فرق فى إنتاج النفط بنسبة 37% بعد انفصال الجنوب كيف سيتم تعويضه وتغطيته؟
- هنالك شقان، الأول هو أننا نحتاج
للنفط بغرض الاستهلاك المحلى، وهذا مؤمن بالإنتاج الموجود فى شمال السودان
وكمية البترول الموجودة لدينا تكفى المصافى الحالية. ما سنفقده هو نسبة من
الموارد. وقد أخذنا تدابيرنا بهذا الشأن لتغطية الفرق الكبير الذى ستبلغ
نسبته ملياراً وأربعمائة وستين ألف دولار لسد الفجوة. لكن السودان يملك
موارد أخرى تعوض الدولة عن فرق إنتاج النفط، مثل الذهب، ولدينا صادرات
للثروة الحيوانية وصادرات زراعية، ولدينا فائض كبير.
■ أريد توضيحاً أكثر عن كيفية تعويض هذا الفرق فى ميزانية الدولة؟
- عندما نفقد نسبة من الموارد يكون
لها أثر، لكن العبرة بعمل التدابير التى تمكننا من تجاوز هذا الأثر بتحقيق
مزيد من الموارد ومزيد من الضبط فى الإنفاق الحكومى للموازنة بين الموارد
والنفقات. ذهاب عدد من الإخوة الجنوبيين سيقلل من الإنفاق ويقلل من استهلاك
السلع التى كنا نستوردها، وبالتالى يقلل من الضغط على استخدامات النقد
الأجنبى، فعندما كنا نستورد لأربعين مليون نسمة ليس كما نستورد لـ34 مليون
نسمة، وسيكون هناك انخفاض فى الواردات لانخفاض سكان الدولة، لذا فالتدابير
مقدور عليها.
■ تحدثت عن توفير السلع الأساسية لمدة 6 أشهر.. لكن ماذا بعد؟
- نحن، طبعا، نقوم بوضع التدابير
وفقاً للميزانية، هذه الميزانية الآن بالنسبة لنا مضى عليها 6 أشهر وتبقى 6
أشهر، وبناء على هذه الفترة وفرنا بعض السلع الأساسية وعادة فى بداية
الربع الأخير من العام نبدأ إجراءات الموازنة الجديدة، لذا بدأنا تدابير
وفرة الأشهر الستة المقبلة، وقبل نهايتها سأبدأ فى الموازنة الجديدة للأشهر
الستة التى تليها.
■ هل هناك خطط اقتصادية لتعاون شمالى - جنوبى، أم كما يردد البعض هناك نوايا من الدولة للاتجاه شمالاً؟
- الرئيس رسم خطاً واضحاً لسياستنا مع
الجنوب، بحيث تكون هناك علاقات اقتصادية كبيرة، لأننا قبل فترة وجيزة كنا
دولة واحدة. المواطنون مختلطون مع بعضهم البعض، يجب أن نتعاون مع دولة
الجنوب ونمدها بما نستطيع.
■ وهل هناك اتجاه لتعاون اقتصادى شمالا مع مصر مثلا أو مع دول أخرى مجاورة؟
- علاقاتنا مع مصر وغيرها مستمرة، ولن
نؤسس علاقات جديدة خصماً على جنوب السودان، إنما ستظل علاقاتنا مع مصر
وتشاد وليبيا هى العلاقة القديمة ذاتها، ولن تكون هناك حاجة للتركيز على
دولة دون أخرى بسبب انفصال الجنوب.
■ لكن طرح ذلك كخيار بديل نظراً لوجود قضايا عالقة بين الشمال والجنوب قد يؤثر على التعاون الاقتصادى فيما بينهما؟
- لا نرى أن هناك مشكلات تجعلنا نلجأ
للتعامل مع دولة مجاورة ولا مصر كبديل لما سنفقده فى الجنوب، فالقضايا
العالقة تتعلق بحقوق سيادية وليست قضايا حياة يومية