القاهرة - على الرغم من النجاحات التي تحققها الشركات العائلية في
عالمنا العربي، إلا أن كافة الدراسات التي تجريها المؤسسات المالية
العالمية تشير إلى أنه من الصعب أن يسير الجيل الثالث من الأبناء في نفس
مسار الجيلين الأول والثاني، وهو ما أكدته صفقة بيع أوليمبك جروب.ويعتزم الجيل الثالث من أبناء سلام مؤسس الشركة التوسع في مجالات استثمارية أخرى كالتعليم والصحة.ولم
يكن عبدالله سلام ليتوقع أن مشاركته لشارل بالادجي في مركز للصيانة بمبلغ
خمسة جنيهات عام 1939 سيتحول إلى شركة كبيرة بجهوده وجهود أبنائه من بعده
ليبيعوها ذات يوم بعد 72 عاماً إلى شركة سويدية في صفقة تجاوزت 2.4 مليار
جنيه مصري.وأكثر من 93% من الشركات الخاصة في العالم العربي شركات
مملوكة لأفراد وتديرها عائلات. وهناك إحصائية طريفة تتحدث عن أن الشركة
يكونها الجيل الأول من رجال الأعمال وينميها الجيل الثاني ويفلسها أو
يضيعها الجيل الثالث.وبطبيعة الحال سيقفز إلى الذهن عدد كبير من
الأمثلة في محيط العالم العربي، ولكن الأمر هنا يتعلق بمدى إقبال تلك
العائلات على تطبيق مبادئ الحوكمة والرضا عن تراجع أدوار بعض أفرادها في
إدارة الشركات مقابل إفساح المجال لذوي الخبرة والكفاءة. ويدخل في
الموضوع أيضاً مدى استعداد الأجيال لتنمية الشركات عن طريق طرح أسهم
للاكتتاب والتسجيل في البورصات، وهو قرار يصعب على كثيرين اتخاذه نظراً لما
يترتب عليه من التزام بقواعد الشفافية التي تتطلبها أسواق المال والهيئات
الرقابية وفتح الدفاتر أمام المحللين والمراقبين.ولنبدأ بآل سلام،
مالكي شركة بارادايس كابيتال والتي باعت حصتها في أوليمبك جروب، إحدى أشهر
الأسماء المصرية في عالم الأجهزة المنزلية، لشركة الكترولوكس السويدية.وكان
لدينا معلومات أن الأجيال الجديدة من العائلة ليس لديها نفس شغف الآباء
والأعمام بالعمل في مجال تصنيع وتجارة وصيانة الأحهزة المنزلية. وطرحنا هذا
التساؤل على سعد سلام، رئيس مجلس ادارة بارادايس كابيتال.ولم يؤكد
أو ينفي سلام هذا الطرح نعطيهم فرصة - طبعاً العدد أكبر فمن الممكن العمل
في مجالات أكثر، وكل شخص يكون مسؤولاً عن نوعية معينة من الأعمال لتكون
إضافة للاقتصاد المصري.وهذا يظهر بوضوح في المجالات المتعددة التي
يعمل فيها أفراد العائلة من خلال مظلة بارادايس كابيتال، اذ تدير 22 مصنعاً
و30 شركة تعمل في قطاعات متنوعة ما بين التجارة في لعب الأطفال إلى تصنيع
اللحوم والمقاولات والانشاءات ومراكز الاتصال والتعهيد وحتى التعليم
الجامعي واستصلاح الأراضي وغيرها.ولكن سلام عاد ليؤكد لنا أن مسألة التعدد في الأعمال كان موجوداً منذ البداية في العائلة لكن، أوليمبيك جروب هي الأشهر.ومن
جانبه، أوضح سامر سلام، الرئيس التنفيذي لبارادايس كابيتال، أن الشركة
لديها هدف في الحياة وهو خلق فرص للتوظيف. حالياً يعمل لدى المجموعة 15 ألف
عامل وهم يستهدفون توظيف 80 ألف عامل بحلول 2020. وهذا يعني مزيداً من الاستثمارات لتوسيع مجال الأعمال سواء رأسياً أو أفقياً. وسيتم
خدمة هذا الهدف باستخدام الأموال القادمة من صفقة الكترولوكس. القيمة
الإجمالية سينتقص منها نحو 90 مليون مليون جنيه لشراء كامل الحصة في شركتين
تابعتين لأوليمبك جروب وهما نماء وبي تك.وكان هذا شرطاً لإتمام الصفقة مع الكترولوكس السويدية، والتي تعد أول استثمار أجنبي مباشر يدخل مصر بعد الثورة. وأوضح
كيث مكلوكلن الرئيس التنفيذي للشركة أن خطتهم لا تتضمن الدخول في نشاط
نماء المتخصصة في التطوير العقاري للأغراض غير السكنية ولا في نشاط بي تك
المتعلق بتوزيع الأجهزة المنزلية لعشر علامات تجارية مختلفة. لذلك ستقوم
بارادايس كابيتال بشراء نماء مقابل 665 مليون جنيه وبي تك و200 مقابل 30
مليوناً.وهذا سيتيح قرابة المليار ونصف المليار جنيه أمام بارادايس
كابيتال كصافي قيمة الصفقة لتستغل في تعزيز الاستثمارات القائمة أو الدخول
في استثمارات جديدة.وهذه هي حكاية إحدى الشركات التي كانت سباقة في
تطبيق قواعد الحوكمة وزيادة رأسمالها عن طريق الإدراج في البورصة وبالتالي
التعامل مع المجتمع الاقتصادي بطريقة أكثر شفافية. لكن الغالبية العظمى من
الشركات المصرية العائلية تبقى مغلقة.والجيل الثاني من مجموعة شركات
سيما للتصنيع الغذائي كان قد بدأ في دراسة هذا الموضوع. فالشركة أحد أقدم
الأسماء المشهورة في عالم تصنيع وتجارة الحلوى. ولكن كما تقول مديرة
التسويق حنان الفندي، ابنة مؤسس الشركة الراحل سيد الفندي، أن الظروف لم
تمهل الأشقاء الثلاثة استكمال هذه الجزئية من استراتيجيتهم للمستقبل.فمع
ضغط العمل والتوسع في سابع المصانع والانشغال الشديد برعاية نحو 123
منتجاً، تحول دون المضي قدماً في هذا الاتجاه رغم إيمانهم به. هذا بالاضافة
إلى الظروف التي استجدت منذ الأزمة المالية العالمية انتهاءً بالثورة
المصرية.ولكن في نفس الوقت - وبعكس بارادايس كابيتال - فإن عائلة
الفندي ترفض أن تحيد عن مبادئ الأب المؤسس وهي عدم الدخول في شراكات مع
آخرين، ما يغلق أبواب الطرح العام، وعدم الدخول في مجالات خارج التخصص، وهو
ما أغلق باب شراكات عرضت على الشركة في مجالات المقاولات مثلا أو حتى في
مجالات أخرى للتكامل الصناعي الرأسي. ولكن يبقى الموضوع في ذهن الشركاء من
أجل الجيل الثالث الذي لا ينوون الضغط عليه ليحذو حذوهم. وتقول حنان الفندي: ابن أخي انضم لنا ثم ترك الشركة لرغبته في العمل خارج عباءة العائلة، وهذا حقه. وتضيف لن نضغط على أولادنا في شيء ولا يوجد من يفعل ذلك عادة" ولذلك سيظل تطوير هيكل الإدارة في خططنا.المصدر : الاسواق نت