انقسمت آراء الخبراء السياسيين
والعسكريين حول بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى ألقاه اللواء محسن
الفنجرى، عضو المجلس، مساعد وزير الدفاع، ففى الوقت الذى أعرب فيه خبير
عسكرى عن «ترحيبه بالبيان»، انتقد خبراء سياسيون عدداً من النقاط الواردة
فيه، مثل طريقة الإلقاء التى اعتبروها مناسبة للعسكريين وليس المدنيين
المحبطين من تأخير العدالة.
وأكدوا أن البيان يؤكد الوقوف فى صف رئيس الوزراء، ليتحول الأمر إلى ما
يشبه مواجهة بين فريقين، بينما كان الأجدى أن يكون المجلس العسكرى على
مسافة واحدة من الحكومة والمعتصمين.
وأعربوا عن ترحيبهم ببعض ما ورد فى الخطاب، مثل التأكيد على الوثيقة
الدستورية التى تحل الخلاف والجدال بين أصحاب مطلبى «الانتخابات أولاً»
و«الدستور أولاً».
وأكد اللواء عبدالمنعم كاطو، الخبير العسكرى، أن البيان جاء فى وقته
ليحسم أموراً عديدة، خاصة الفوضى الموجودة فى الشارع المصرى حالياً، التى
يشارك فيها أصحاب بعض الأجندات الخاصة دون أى اعتبار للأمن القومى المصرى
أو اعتبارات الأغلبية الصامتة التى تمثل 99% من الشعب المصرى.
وأضاف: أكد البيان دور القوات المسلحة وأنها لن تتخلى عن دورها فى
الوصول إلى أهداف الثورة الحقيقية وبناء دولة مدنية ديمقراطية، وهو ما يعنى
أن خريطة الطريق التى وضعها المجلس العسكرى منذ إدارته شؤون البلاد سيتم
تنفيذها بحذافيرها دون أى اعتبارات.
وأوضح كاطو أن المجلس العسكرى وأعطى إنذاراً لكل من تسول له نفسه
الإضرار بالأمن القومى لمصر وشعبها، وأنذر كل الفئات التى تفرض نفسها على
الشعب والسلطة بأنها لن تتمكن من ذلك وأن القوات المسلحة ستتصدى لها. وقال
عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن
البيان ينطوى على نقطتين إيجابيتين، وثلاث نقاط سلبية، موضحا أن الإيجابيات
تتمثل فى وضع مبادئ حاكمة للدستور، أو المبادئ فوق الدستورية، ووضع ضوابط
لكيفية اختيار الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور الجديد، وهو ما يعتبر
استجابة لمطالب النخبة.
وعن النقاط السلبية فى البيان، قال جاد: «أبرز السلبيات الصوت العالى
والنبرة الحادة فى قراءة البيان وكأنه يخاطب عسكريين وليس مجتمعا من
المدنيين أصابهم الإحباط بسبب عدم رؤيتهم ثمار الثورة». وأضاف: «أبدى
المجلس العسكرى دعمه عصام شرف، رئيس الوزراء، الأمر الذى يضع المجلس فى
مواجهة مع كل من يرغب فى تغيير شرف، وكان على المجلس العسكرى أن يضع نفسه
على مسافة واحدة من جميع الأطراف حتى لا يصطدم مع الشعب».
وأشار جاد إلى أن التحدى الذى يواجهه المجلس العسكرى فى المرحلة
المقبلة، يتمثل فى إعادة بناء الثقة بين المجلس العسكرى والحكومة من ناحية،
والقوى الثورية من ناحية أخرى.
وفى السياق ذاته، أكد وحيد عبدالمجيد، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات
السياسية والاستراتيجية، أن بيان المجلس يعتبر إيجابياً وجيداً فى مجمله،
خاصة أنه يبدأ بالتأكيد على حرية التعبير بكل أشكالها، ويؤكد الالتزام
بالإعلان الدستورى والانتخابات. وأشار عبدالمجيد إلى أن البيان تبنى
الاقتراحات التى قدمها التحالف الديمقراطى من أجل مصر وهى إصدار وثيقة
للمبادئ الدستورية، والتوافق على طريقة تشكيل الجمعية التأسيسية كحل للخلاف
حول إجراء الانتخابات قبل إصدار الدستور.
وتمنى عبدالمجيد أن ينظر المجلس الأعلى إلى مطلبين آخرين وهما الإفراج
عن الشباب الذين حوكموا أمام محاكم عسكرية فى قضايا سياسية، وإعادة
محاكمتهم أمام محكمة مدنية، بالإضافة إلى إحالة ضباط الشرطة المتهمين بقتل
الشهداء إلى القضاء العسكرى، بدلاً من القضاء المدنى، وذلك لضمان سرعة
إنجاز محاكماتهم وفاعلية هذه المحاكمات. من جانبه فسر نبيل عبدالفتاح،
الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بيان المجلس
العسكرى الأخير بأنه محاولة للتأكيد على مساندة شرف رئيساً للحكومة، لأن
شخصيته تناسب المجلس العسكرى، واصفا البيان بأنه يعبر عن رضا المجلس عن
أداء شرف وشخصيته، وأنه يستريح فى التعامل معه خلال هذه المرحلة
الانتقالية.
